اختتمت لجنة التقييم المكلفة في كلية الفنون الجميلة في الجامعة يوم الخميس الموافق 26/5/2022 مناقشة مشاريع التخرج لطلبة قسم الفنون التشكيلية – تخصص الرسم والتصوير للعام الدراسي 2021/2022. حيث قام الطلبة والبالغ عددهم 16 طالب وطالبة بعرض 32 عملاً فنياً على اللجنة المختصة، ومناقشة أفكار أعمالهم وأصالة وقوة تمثيلها البصري إلى جانب مناقشة الأساليب والتقنيات الفنية المستخدمة في التنفيذ.

وشارك في تقييم ومناقشة المشاريع كل من أ. لينا حرب، رئيسة القسم ومنسقة لجنة تقييم مشاريع الفنون التشكيلية في الكلية، وأ. أحمد الحاج حمد، مقيم عام لمشاريع أقسام طلبة الفنون التشكيلية في الكلية، وأ. عصمت الأسعد، ناقد فني ومحاضر الفن الحديث والمعاصر، وأ. بسام أبو الحيات وأ. رغدة أبو زيتون عضوا هيئة التدريس في كلية الفنون الجميلة.

وأشادت د. رواء صوالحة، عميدة الكلية بالمستوى والأداء المتقدمين لطلبة التخصص لهذا العام، وبدورها أكدت أ. حرب أهمية مشاريع التخرج بما تمثله من علامة فارقة في تاريخ الكلية لاسيما أن الطلبة يبذلون أقصى ما في طاقاتهم لإنتاج أعمال إبداعية متميزة ترتقي بمستوى الكلية وتنافس بها كليات فنون أخرى محلياً وعالمياً.

من جانبه، أشار أ. جمال البحري، المشرف على مشاريع الطلبة لهذا العام إلى أن مشاريع التخرج هي اختزال لخلاصة ما اكتسبه طلبة الدفعة طيلة فترة دراستهم في الجامعة من تجارب ومعارف علمية وعملية عبر طاقم متميز في عطائه المتواصل. وأضاف: "لم يأتِ هذا الفوج إلّا ليكمل ويؤكد مسيرة طويلة من النتاجات الفنية لأكثر من 500 طالب فن في المجال على مدار أكثر من 30 عاماً منذ تأسيس الكلية في العام 1991، والذين بدورهم ساهموا وبشكل فاعل في بلورة وصياغة شكل الفن الفلسطيني في مختلف المحافل المحلية والدولية".

ويُذكر، أن ما ميز العرض في هذا العام هو أن كل طالب قد مُنِح حيزاً كافياً لتقديم عملين منفصلين في الأسلوب ومتكاملين في الموضوع لإظهار فكرة وقضية المشروع بصرياًّ: العمل الأول وقد مثل جانبا محورياًّ من بحث ودراسات الطالب أنشأه ضمن مناخ عرض خاص، يدرج تحت قائمة الأعمال والممارسات الفنية المفاهيمية و المعاصرة، كفن الفيديو، وفن الأداء والفن التركيبي، والتي استخدمت خلاله تقنيات ووسائط التكنولوجيا الصوتية والمرئية الحديثة والمتعددة. أما العمل الآخر فقد مثل زاوية لجانب آخر لدراسات المشروع، وقد نفذ على هيئة اللوحة المحمولة وبأسلوب فني معاصر صاغها الطالب بأدواته وألوانه وفقاً لنزعته الفنية ومواضيعه المطروحة في العرض.

وتنوعت عناوين أعمال الطلبة لتشمل مختلف المواضيع القيمية والسلوكية الفردية والمجتمعية المعاصرة. فطرحت الطالبة لبنى الحسيني بأعمالها ظاهرة التنمر في المجتمع الفلسطيني وخصت بها طلبة المدارس، بينما الطالبة دانا ياسين فضحت كارثة تشوهات الأجنة الناتج من زواج الأقارب. وكشفت الطالبة إيناس سليم عن نظرية "الفيل في الغرفة" والذي يلخص فكرة خطر ما يراه الجميع ولا يتحدث عنه أحد. أما الطالبة رهف صلاحات سلطت الضوء على انعكاسات وتداعيات التدخلات الأسرية والمجتمعية المبالغ بها على شخصية الفرد في فترة المراهقة.

وطرحت الطالبة أسيل زين الدين بقواريرها المكسرة فكرة العنف ضد المرأة داخل مجتمعاتنا العربية، والطالبة أرجوان نزّال قدمت عرضاً أدائياًّ مميزاً تمحورت مشاهده حول الجدلية القائمة بين السلف والخلف وبين فكرة القبول والتقبل. فيما جمعت الطالبة شذى مصطفى في تركيب فريد لكرسي أطفال، أضلاعه شُكلّت بعكازات كبار السن في إشارة للعلاقة الوطيدة بين الأجيال القديمة والأجيال القادمة. بينما لخصت الطالبة إيمان أبو السعود فوضى وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الجيل القادم.

والطالبة شيماء التكروري أبحرت في مفهوم الرضا عن الحياة بين دوامات الصراع والرغبة أو الاستسلام وعبثية الاستمرار. ولعل الطالبة أسماء زبيدات نجحت في وضع المشاهد في فضاء آخر لمراجعة الواقع باستحضار المكان والزمان حيث غاصت في نوستلجبا ذاكرة الماضي والمستقبل. انتقالاً إلى إبداعات أخرى تطرح قضايا فلسطينية معاصرة، عرضت الطالبة ريمي النواهضة تناقضية الرغبة في الإنجازبين العلم والعمل في ظل حدود جيوسياسية معقدة رسمها المحتل بكيده؛ بين عامل فلسطيني يحمل تصريحاً للعمل في الداخل وبين عالم يحمل رزمة من شهادات وخبرات في وطنه المحاصر.

وتجربتان مستوحيتان من واقع مخيمات اللجوء، قدمت الطالبتان آلاء طالب وسوسن جبر ابنتا مخيم جنين؛ طالب صورت حالة القلق الذي يعيشه أهالي المخيم من اعتداءات ومداهمات واغتيالات يشنها الكيان بشكل شبه يومي، ما يدفع بتأملاتهم نحو إصرار على مجابهة المعتدي ترسيخاً للأبناء في احتفاظهم لمفهوم الثبات والحق في البقاء والعيش بكرامة، ومستخدمة الكلفشات البلاستيكية استطاعت جبر أن تسدل الستار عن ممارسات وغطرسة المحتل في المعتقلات وطرق التعامل اللانسانية مع المعتقلين لما استوحته من قصص واقعية سردها أبناء وأطفال المخيم الذين مروا بالاعتقال.

في هذا العرض، أعرب أ. طارق دولة عن مدى امتنانه لطالبته جبر على إثارته في هذا الموضوع الملحّ وبلغتها الفنية والبصرية البليغتين، وقدم مداخلة قيمة للحضور تعقيباً لما مر به خلال 18 عام في المعتقل. وحبكت الطالبة تالا أبو ديّة تكويناتها بخطوطها الكشف عن تلك المحاولات المغرضة بسرقة وأسرلة الكيان لمعالم وإرث الشعب الفلسطيني عبر الشبكة العنكبوتية. أما الطالبة ساره ياسين وقد انتهجت تكبيراً واضحاً لأحجام مجسماتها، في محاولة لرصد حجم ما يعانيه الفلسطيني في كل يوم جراء عبوره جدار الفصل العنصري، وما يدعيه الكيان بالتسهيلات ضمن خطة ترى ياسين أن لها تداعيات نفسية والسياسية على الفلسطينيين. وقد احتلت أعمال الطالبة غدير حاج التركيبية والتصويرية القضية القديمة الجديدة ”قضية اللاجئ الفلسطيني" وتلك التحديات التي قد تهدد بتضييع حقوقه إثر محاولات متكررة ترمي لتهميش وتحييد قضيته العادلة.

في نهاية العرض، هنأت أ. حرب الطلبة الخريجين وأكدت على ما أشاد به أعضاء لجنة التقييم بالمستوى العالي الذي توصل إليه الطلبة في أعمالهم، ومدى التنافسية الذي أبدوه في مخرجاتهم الفنية، كما وأوصت اللجنة بضرورة إقامة عروض منفصلة لهذه الأعمال بالتنسيق مع شراكات الكلية والجامعة الثقافية والمعرفية بالإضافة لمؤسسات وهيئات حقوق الإنسان المعنية بنشر الوعي المجتمعي وقضايا المجتمعات العادلة.

صور من المناقشات