نظمت اليوم كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنية ندوة علمية تناولت موضوع الاسلام والفنون، حضرها جمع غفير من الأكاديميين والطلبة في الجامعة، وحاضر فيها كل من الدكتور جبر البيتاوي من قسم اللغة العربية، والأستاذ أحمد موسى رئيس قسم العلوم الموسيقية.

وتطرق الدكتور جبر البيتاوي إلى موقف الاسلام من الفنون عموماً من خلال موقف القرآن الكريم والسنة النبوية والشواهد التاريخية، منوهاً إلى أن القرآن الكريم حث على احترام الانسان من خلال قوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم"، وقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال"، كما تحدث عن إسهامات الحضارة الاسلامية في تشكيل وعي خلاّق مصدره الدين الاسلامي، وازدهار الفنون عند المسلمين في شتى المعارف والفنون، فشواهد الفنون الاسلامية الحالية هي حاضرة في بغداد ودمشق.

واشار أنه يمكن التعرف إلى مظاهر الفنون الاسلامية من خلال العمارة والبناء والتصوير والنقوش والزخارف، فقد اهتم العرب المسلمين في عصورهم المختلفة ببناء المدن وتخطيطها مثل الكوفة والبصرة وسامراء والنجف وغيرها، وبناء المساجد العظيمة مثل المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ومسجد القيروان وغيرها، إضافة لاهتمامهم بالصور والنقوش والزخارف الجدارية، أما في موضوع الموسيقى والغناء فأشار الدكتور البيتاوي إلى اهتمام العرب بالغناء والموسيقى وجمال الأصوات فظهر هذا جلياً في اشكال غنائية كبيرة مثل الموشحات.

 

اما الأستاذ أحمد موسى فتطرق إلى تاريخ الفن العربي الاسلامي الذي يزخر بالابداعات والابتكارات، وقال: على الرغم من ادعاء الكثير من المثقفين والفنانين بأهمية فنون الماضي وتوظيف مفرداتها واستخدامها أساسا للنقلات الجديدة نحو فن المستقبل إلا أن بعض الفنانين العرب تهاونوا في استثمارها الإستثمارا الأمثل وأخفقوا على نحو خاص في توظيف عناصرها في أعمالهم الفنية الحديثة بالصورة التي نطمح إليها. ويتجلى هذا حينما نعقد مقارنة بين الفن العربي المعاصر والفن الأوروبي المعاصر نجد أن الفن العربي لم يستثمر الماضي إستثمارا صحيحا كما استثمره الفن الأوروبي بشكل جعل من تاريخ فنه و شخصياته الفنية منهاجا عالميا تتلاقفه الأجيال جيلا بعد جيل.

وتطرق الأستاذ موسى إلى الفن الإسلامي الذي يعد من أغنى ظواهر مسيرة الحضارة الإنسانية وأخصبها، مضيفاً أن دراسة مكونات هذا الفن و تطوره و تحليله لم تبدأ بصورة جدية وبطريقة علمية دقيقة وموسعة إلا في الربع الأول من القرن الرابع عشر الهجري ( القرن العشرين الميلادي ) على يد المستشرقين من الأساتذة والمؤرخين، ثم قدم مقارنة بينه وبين الفن المسيحي والبوذي حينما قال: إن الفن الاسلامي يختلف كليا عن الفن المسيحي أو الفن البوذي، فالفن المسيحي على سبيل المثال يعني الفن الذي صنع خصيصا للكنيسة من تصوير وموسيقى ونحت وغيره وهو ذو موضوع ومعنى ديني بحت، والفن البوذي فهو فن المعابد والعبادة وكل ما يتعلق بالالهة بوذا، بينما الفن الإسلامي يعني كل ما قام بصنعه المسلمون أو ابتكروه من فنون وحرف في بلادهم من أجل استعمالهم و متعتهم.

وأضاف أن بعض المنصفين من المؤرخين الأجانب الذين اتصفوا بالدقة والرصانة العلمية في كتاباتهم أقروا بأن الحضارة الإسلامية تعد أول حضارة في تاريخ البشرية إتسمت بالإنسانية إذ جمعت شعوبا مختلفة وجانست فيما بينهم فكان عطاؤها الثري في شتى ميادين العلوم و الفنون والمعرفة، واعترفوا أيضا أن العرب تفاعلوا مع المعطيات الحضارية الأخرى فدرسوها دراسة علمية،  ومع الزمن كان لهم دورهم المبتكر المميز الطابع في الفنون و قدموا إنجازاتهم الرائعة منها إلى أوروبا .

كما تحدث عن ابداعات الفنانين المسلمين والتي تمحورت في مجالات متعددة منها: الزخرفة الإسلامية، والحفر على الحجر و الجص، والعمارة الإسلامية، والخزف، والزجاج و البلور، والنسيج والأبسطة، والمسكوكات الإسلامية، والحفر على العاج والعظم، وفن الكتاب، والتحف المعدنية، والخط العربي، والتصوير والنحت، والموشحات الدينية.

كما تطرق لموضوع التصوير والغناء في الاسلام حيث تناول ما جاء في القرآن والسنة، ورأي الفقهاء في هذا الموضوع، ثم تحدث عن أثر الفن الاسلامي في أوروبا.

      وفي ختام حديثه دعا إلى إقامة مدرسة عربية إسلامية في الفن، والحفاظ على الفن الاسلامي وعدم الخضوع للفنون المعاصرة الغربية والحفاظ على هذا التراث دون أي شوائب لينتقل إلى أجيالنا ولتبقى هويتنا الإسلامية هي المنبع والفكر لهذه الأمة.